عودة ربع مليون عامل.. لماذا يهرب المصريون من السعودية؟

عودة ربع مليون عامل.. لماذا يهرب المصريون من السعودية؟

مصريون أمام أحد مكاتب توفير فرص عمل في الخارج (الجزيرة)
مصريون أمام أحد مكاتب توفير فرص عمل في الخارج (الجزيرة)

أحمد حسن-القاهرة

بعد نحو عامين من العمل في مجال التركيبات الكهربائية بالسعودية، وجد الشاب المصري حسن النمر نفسه مضطرا للعودة إلى مصر، إثر معاناة حاول التعايش فيها مع مضايقات الكفيل وظروف معيشية أخرى باتت أكثر قسوة من تلك التي دفعته للخروج من بلاده.

يروي النمر للجزيرة نت كيف عانى طوال عامين من مضايقات كفيله الذي لا يتوقف عن طلب المال باستمرار وفرض إتاوات شهرية عليه.

ورغم هروبه من الوضع البائس في السعودية، فإنه لم يجد فرصة عمل منذ عودته إلى مصر، سوى العمل باليومية.

حال العامل المصري تعبر عنه أرقام شبه رسمية تشير إلى أن عام 2018 هو أسوأ الأعوام التي مرت على العمالة المصرية بالسعودية، وبشركات إلحاقها بالخارج.

إذ قدر حمدي إمام رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج في اتحاد الغرف التجارية بمصر (مستقل وتشرف عليه الحكومة)، عدد العمال المصريين العائدين من الخارج هذا العام بحوالي خمسمئة ألف عامل، منهم 250 ألفا من السعودية وحدها، من أصل خمسة ملايين يعملون خارج مصر.

ولم تقتصر الأضرار على عودة العمال، فقد اضطرت الكثير من شركات إلحاق العمالة للإغلاق أو تقليص العمالة لتوفير النفقات، بسبب الأزمات التي تمر بها منطقة الخليج، مشيرا إلى أن عدد شركات إلحاق العمالة المصرية انخفض من 1200 إلى 800 شركة العام الجاري.

ورغم مساع شبه رسمية للتغلب على أزمة عودة العمالة من السعودية، فإن العامل المصري العائد من المملكة يجد نفسه وحيدا أمام ضغوط معيشية صعبة يعاني منها مواطنو بلاده جراء غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وعدم توفر فرص عمل.

وتعد السعودية رافدا أساسيا لتحويلات المصريين المغتربين المهمة للاقتصاد المصري، إذ تشير بيانات البنك الدولي إلى أن تحويلات المصريين في السعودية تمثل 40% من حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

المئات من شركات إلحاق العمالة بالخارج اضطرت لإغلاق أبوابها بعد عزوف المصريين عن الذهاب لدول الخليج (الجزيرة)

الكفيل والسعودة
وتسارعت وتيرة عودة العمالة المصرية مع بداية عام 2018، وارتبطت في مجملها -وفق أحاديث منفصلة أجرتهاالجزيرة نت مع معنيين- بتوطين المملكة للوظائف العامة، وهو ما يعرف بـ”السعودة”، إلى جانب المضايقات التي يلقاها العامل غالبا من كفيله، إضافة إلى فرض ضرائب على الوافدين.

كما ساهمت خطة الإصلاح الاقتصادي التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحت شعار “رؤية 2030“، في زيادة الأعباء على العمالة المصرية، بعد فرض الرياض رسوما إضافية على المقيمين.

وتحت اسم “المقابل المالي”، بدأت السعودية فرض رسوم شهرية على المقيمين المرافقين للعمالة الوافدة في القطاع الخاص، ودخلت حيز التنفيذ بالفعل صيف 2017.

وألزمت السعودية المقيم بدفع مئة ريال شهريا عن كل فرد من أسرته مقيم معه بدءا من يوليو/تموز 2017، وتضاعفت المبلغ إلى مئتي ريال من الشهر نفسه عام 2018، ومن المنتظر أن تزيد هذه الرسوم إلى ثلاثمئة ريال في عام 2019، ثم إلى أربعمئة ريال عام 2020.

عبد الله حسين طبيب مصري مقيم في السعودية حاليا، يؤكد للجزيرة نت أن الرسوم والضرائب التي أطلقتها المملكة مؤخرا تعد أبرز دافع لعودة العمالة المصرية، حيث يقتطع صاحب العمل -سواء كان شركة أو كفيلا- الرسوم من أموال العمالة، وهو ما يثقل كاهل العامل.

ويضيف الطبيب الذي يعاني أيضا من هذه الإجراءات أنه “إلى جانب المعاملة السيئة من قبل الشركات والكفيل، وتأخير الرواتب، قد تصل الأمور أحيانا إلى مطالبة العامل بدفع مصاريف الخروج والعودة وتذاكر الطيران، وبذلك يجد العامل نفسه لم يدخر شيئا في النهاية، فيقرر العودة”.

بينما يرى محمد حسين مدير التوظيف في شركة خاصة بالقاهرة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج، أن اعتماد “سعودة” الوظائف يعد من أبرز دوافع المصريين وغيرهم من الجنسيات لمغادرة السعودية.

وعن خسائر شركات إلحاق العمالة، يقول حسين للجزيرة نت إن “شركته كانت تسفّر من 500 إلى 600 عامل في السنة، وأحيانا يرتفع العدد إلى ألف عامل، أما الآن فهي بالكاد تستطيع تسفير 150 عاملا”.

وللتصدي لأزمة عودة العمالة المصرية، بحث اجتماع موسع لهيئات مكاتب وأعضاء مجالس إدارات شعب شركات إلحاق العمالة بالغرف التجارية المصرية الأسبوع الماضي، اتخاذ خطوات عملية نحو فتح أسواق عمل جديدة في أفريقياوآسيا، كبديل للأسواق الخليجية التي انحسر طلبها للعمالة المصرية.

وقالت شعبة إلحاق العمالة في غرفة القاهرة التجارية -في بيان آنذاك- إن الاجتماع ناقش أزمات القطاع بعد انحسار الطلب على العمالة المصرية، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية في دول الخليج العربي المستقدمة للعمالة المصرية.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

استقالة القيادية في مكتب المرأة في أنكسي، ونعمة داوود يعتبر الحديث في الشأن العام «قال وقيل »

خاص: Nûdem صورة للسيدة آريا جمعة@خاص Nûdem قدمت السيدة آريا جمعة القيادية في اتحاد نساء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *