الاستفتاء كلمة كلما تكررت على مسامع الكوردي، تناغمت لديه ذلك النشوة المفعمة بالإيمان وقوة الارادة، التي تحركت منذ عامٍ عندما أعلنها الرئيس مسعود البارزاني وجعلها حقيقة في يوم ٢٥ أيلول عام ٢٠١٧، فكان قراره نابعاً من مصدر القوة لثقته بالحزب الذي ترعرع في صفوفه وبإرادة الشعب الكوردي الذي يعتبر البارزاني أملهم في الخلاص من العبودية ونقلهم إلى البر الأمان، فكان قوة إرادة شعب كوردستان أقوى من كل الخيانات والمؤامرات التي حاكت ضدهم.
بعد مرور عام على الاستفتاء جدد القائد مسعود البارزاني قراره بـ ”إذا تطلب الأمر إجراء الاستفتاء
مرة أخرى فليكن، ولستُ نادماً“.
١- بعد مرور عام على اجرء الاستفتاء، كيف تحللون وضع كوردستان اثناء الاستفتاء وحتى الآن؟
٢- ما دور الرئيس مسعود البارزاني والحزب الديمقراطي في استعادة كوردستان عافيتها؟
٣- ما دور الشعب الكوردي في ما وصل إليه اقليم كوردستان من قوة؟
٤- حسب رأيكم الشخصي كيف تقيّمون قوة ودور الاقليم والرئيس البارزاني في رسم خارطة الطريق
للعراق بعد عام من اجراء الاستفتاء؟
قمنا بعرض هذه التساؤلات على عدد من السياسيين والمثقفين:
البارزاني فضل مصلحة الكورد على المصلحة الحزبية
تحدث محمد سعدون عضو اللجنة المركزي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بالقول: « الشعب الكوردي من الشعوب الأصيلة في المنطقة وساهم في بناء الحضارة الانسانية كغيره من الشعوب من السومريين إلى يومنا هذا، والتاريخ يشهد على ذلك ومن حقه تشكيل دولة على أرضه التاريخية الموزعة بين اربع دول. بعد جولة الرئيس مسعود البارزاني في عدة دول أوروبية لدراسة مشروع الاستفتاء للشعب الكوردي في الاقليم معهم، والذي يُعَد الضمان الوحيد لمستقبل هذا الشعب الذي ضحى بالكثير من أجل حقوقه، ورأى ارتياحاً لدى تلك الدول فاقترح على البرلمان الكوردستاني لتحديد يوم ٢٥ / ٩ / ٢٠١٧ موعداً للاستفتاء ».
اضاف سعدون: « بالرغم من الخلافات الموجودة بين الدول التي تقتسم كوردستان، بدأت اتصالات بينها وبالدول التي لها مصالح معها والقيام بالتهديد والوعيد، لكن اصرار البارزاني واستنادا إلى ارادة الشعب الكوردي بقي متشبثا بهذا الحق الذي شرعته الأمم المتحدة. ”علماً“ أن الدبلوماسية الكوردية لم تبقى بعيداً عن هذا الاصرار، فاقترحت على بغداد لتحديد موعد للاستفتاء لكنها رفضت فكرة الاستفتاء نهائياً، واقترحت على الأمم المتحدة أيضاً بتحديد موعد للاستفتاء وبإشرافها ان كان هذا التوقيت غير مناسبٍ، لكنها بقيت عاجزة عن ذلك، لأنها ( الأمم المتحدة ) مقيدة بمصالح الدول الخمس الكبرى ذات حق النقض الفيتو منذ نشوئها. لذلك تم الاستفتاء على الاستقلال وبنسبة ٩٣ ٪ من أصوات الشعب الكوردي والتي تُعَد وثيقة بيد الكورد في جميع المحافل الدولية. وباءت جميع محاولات الدول الغاصبة لكوردستان وداعميها بالفشل، إلا أنها طبقت حصاراً خانقاً على الشعب الكوردي من قطع الرواتب وبعض المعابر وأجواء الاقليم أمام الطيران، واستطاعوا كعادتهم تحريك زمرة من الكورد للانسحاب من كركوك، وتم بذلك اجتياحها والأراضي المتنازع عليها ( ١٤٠ ) من قبل الحشد الشيعي وبإشراف مباشر من ايران، لكن وبصمود البيشمركة الأبطال حالوا دون اجتياح الاقليم كلها ».
تابع سعدون: « هنا ظهرت حقيقة الرئيس مسعود البارزاني الذي يتصرف كأب لكل الشعب الكوردي بتنازله عن تجديد فترة أخرى لرئاسته ليقطع الطريق أمام المرتزقة الذين يحركهم الدول الاقليمية في هذه المحنة، وكأن هذا الحصار نبه الشعب الكوردي الى الاهتمام ببنيته التحتية والاعتماد على موارده الخاصة بعد أن كان جل اهتمامه بالاستيراد. وبتوجيه من رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني استطاع استيعاب بقية الأحزاب الكوردستانية وخاصة ”يكيتي“ بتفضيل مصلحة الاقليم على المصلحة الحزبية ».
أضاف سعدون ايضاً: « بعد أن اقترب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية بدأ التحرك العكسي للقوى العراقية بالإضافة إلى ايران ( قاسم سليماني جاء إلى السليمانية أول مرة للتهديد وأشرف على اجتياح كركوك شخصياً وهذه المرة جاء ليقدم اغراءاته الخلبية ) وذلك لاستمالة الكورد الذين يعدون بيضة القبان للكتل العراقية المتنافسة. وهذا دليل قاطع على صحة خطوات الديمقراطي الكوردستاني والذي حصل بدوره على أعلى صوت انتخابي لحزب على مستوى العراق، وتعد هذه رسالة أخرى إلى بغداد وداعميها من الدول الاقليمية وأزلامها من الكورد الذين حاولوا التشكيك في نزاهة الانتخابات وقدموا الطعون بذلك لكن الديمقراطي الواثق من شعبه أبدى استعداده للفرز اليدوي والذي جاءت نتائجه متطابقة مع الفرز الآلي ».
وعن سؤالنا بدور الحزب الديمقراطي في قوة الاقليم، أردف سعدون بالقول: » بادر الديمقراطي الى توحيد صوت الكورد أمام بغداد واستطاع بتفضيل مصلحة الكورد على المصلحة الحزبية بتشكيل كتلة كوردية موحدة وخاصة مع ” يكيتي ”. كما قال الرئيس مسعود البارزاني: ليست لنا خطوط حمر على أيٍ من الكتل لكننا ننضم إلى الكتلة التي تؤمن بحقوق شعبنا الكوردي. وبهذه السياسة الحكيمة استطاع الحزب
الديمقراطي الكوردستاني استعادة عافية الاقليم أيضاً ولتكون الأقوى خلال سنة واحدة. والبصرة التي تُعَد أغنى محافظة عراقية تحترق بجهود ايرانية لخلافها مع توجهاتها، ومع الاسف لم تبادر اية طائفة لمساعدتها سوى الكورد، وبتصرف من انسانيتهم وبتوجيه من البارزاني، وعن طريق ”خير خوازا بارزاني“ مؤسسة بارزاني الخيرية لتقديم المساعدات الممكنة لشعبها، وهذا دليل آخر على توجهات الرئيس البارزاني وحزبه على تقويم العراق ليكونوا جيراناً يحترمون بعضهم بعد أن فشلوا في تشكيل دولة تحترم فيها الحقوق ».
أثبت البارزاني أنه قائد شعب وأمة لا رئيس حزب او إقليم
تحدث وليد حاج عبدالقادر- كاتب-، بالقول: « لقد كان يوم ٢٥ / ٩/ ٢٠١٧ حدثا سجله التاريخ كنقطة ارتكاز رئيسة ونقطة انعطاف هام للنضال التحرري الكوردستاني، وقد تجسدت فيها كل مضامين وغايات نضالات وثورات الشعوب، وفي تفسير حقيقي لمفاهيمها، تلك الحقوق المستندة الى شرائع ووضعيات الأمم خلال مسيرة الإنسانية، يوم يؤشر لما قبله ومنه إلى متواليات ردات الفعل البينية وكسريالية عاشتها ايضا يوميات الثورات الكوردية ومتوالية – بورتوس وخنجره – من جهة وانكشاف الركيزة الصلبة والجامعة لمواقف الدول الغاصبة كوردستان والتي لا تزال ترى فيها نقطة التلاقي الأوحد بين نظم تلك الدول مهما كانت الحالة البينية العدائية عندهم، وعود على بدء: لقد أثبتت أحداث المنطقة خاصة بعد السقوط الذريع سايكس بيكو من جهة وعجز كل سياسات صهر الشعوب التي تم تقسيم وتعويم ناسها واوطانها وكوردستانيا!، التي مورست فيها كل أشكال التعريب والتفريس والتتريك، وتعرض شعب كوردستان لأفظع حالات القمع والتنكيل وتغيير البنى الديموغرافية، ومارست بحقها أفظع حروب الإبادات ولم ينج جزء منه من حالة تجريبية في بشاعة ممارسة نظم الحكم في الأجزاء الأربعة بممارسة دور دول الانتداب والنزيف الممنهج لكل شيء ».
اضاف حاج عبدالقادر: « ومع ظهور داعش وملحقاتها وتحول الثورات الشعبية في عدة دول بالمنطقة، تلك الثورة التي تمت جرجرتها الى استنزاف ممنهج و .. باسمها – الثورات – قيدت المنطقة إلى هيجان كالطوفان وأصبحت كوردستان معين العاصفة استهدفتهم غيلان متوحشة، وكانت سنجار وملحمتها وكوباني عروسة مدن كوردستان وتلك الهبة القومية التي ذكرتها فعلا بها ( كوردستان يك بارجيا، قامشلو حلبجيا )، وباختصار شديد بدت البقعة الجغرافية بدخولها أمام حقيقة فرز جديد وإعادة تموضع خرائطي تصحح مسار الجغرافيا السياسية، هذه الحالة التي أسماها كثيرون تحت عنوان: إعادة أشكال الدول، وهنا، لابد من التذكير إلى الوعي المتقدم للقائد مسعود البارزاني وانحيازه للاستفتاء كحق مشروع للشعوب في تقرير مصيرها بعيد عن الحروب والمعارك وفي انصياع تام لإرادة جماهير كوردستان، فكانت ملحمة التمهيد ومجريات ايامها عرسا قوميا كوردستانيا حقيقيا تجاوزت المواقف والمشاعر كما التكاتف كل جدران واسلام الحدود الغادرة، ومحاولة تناقضية مع موقف النظم الغاصبة الأربعة «. اضاف حاج عبدالقادر أيضا: « ومن الطبيعي ان يكون يوم الغدر في ١٦ أكتوبر وصمة عار في جبينها وعملائهم. أن الصمود الرائع رغم هول الخيانة وحكمة القائد البارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني وآلية تعامله وسياسة ضبط النفس رغم كارثية الضغوطات ستصبح ذات يوم من اروع التجارب التي سيعود إليها المؤرخون وعلوم مساعدة كثيرة، والتاريخ سينصف تلك الإرادة التي صقلت وتحدت وواظبت متشبثة بحق تقرير المصير، ومحترمة ايضا لرأي اكثر من ٩٢ ٪ الذين قالوا نعم للاستقلال، وثبت بالممارسة العملية وكما حروب الإبادة سابقا أن إرادة شعب كوردستان لن تتحطم، ويسقط الحصار وانهار الجدار وتعود هولير كما كانت بقيادة البارزاني إلى دورها الرئيسي في قيادة لا العراق بل القابض بحيوية الصدق وثبات البيشمركة على مفاتيح حل قضية كوردستان في أجزائها الأربعة ».
تابع حاج عبدالقادر: « لقد تجلت حكمة القائد البارزاني ومعه حزبه بتركيزه أولا على البيت الكوردستاني الذي من خلاله تم التسلل إلى الجسد الكوردي، ويضبط عالي التركيز وقمع مركز لردة الفعل وبالاستناد إلى حزب عانى تاريخيا من خيانات عديدة وجماهير منحازة دائما إلى كوردستان وقضيتها، ناهيك عن العمق الكوردستاني، كلها عوامل بالترافق مع ممارسات نظام بغداد والتحريض، ”لا بل“ وبمشاركة تنفيذية مباشرة من دولتي إيران وتركيا، أضف إليهما كارثية ممارسات الخونة، ومع هذا و“باختصار“ شديد، كانت صفعة انتخابات البرلمان الاتحادي ردا ورسالة صريحة وواضحة إلى كل من وقف وحارب استفتاء الاستقلال، ”لا بل“ اصبح تلك الانتخابات بحد ذاتها تتويجا لانتصار ثان لرعاية حق تقرير المصير، تثنينا أيضا لطاقة الصبر وضبط النفس والتحكم بمسار العودة السلسة إلى العافية وعدم الحرارة إلى متاهات الحروب البينية ».
تابع حاج عبدالقادر أيضا: « أن التاريخ سيسجل حكمة القائد مسعود البارزاني وانحيازه التام لقضية وطنه وايمانه التام بأن شعبه لن يخذله ولن يساوم مطلقا على حقوقه المشروعة، وهنا هي الحكمة / المقولة التي رسمها البارازاني كقائد فعلي لأمة في وطنها والشتات، هي جملة أصبحت ثقافة وإرث منذ أن أطلقها وجسدها في حزبه ومحيطه، وأعني بها مقولة ( حرمة الدم الكوردي على الكوردي )، ثقافة التسامح والتعالي على ردات الفعل و …. العودة بالتدرج إلى مكانة الإقليم وريادتها في العراق والمنطقة ككل، وبثقة ومن دون تزلف. لقد أثبت القائد مسعود البارزاني أنه فعلا قائد شعب وأمة لا رئيس حزب او إقليم، ولا حتى رئيس دولة وطبيعي بمتلازمة يراها هو شخصيا فوق كل منصب، ”نعم“ هو القائد البيشمركة «
قدرة الإقليم على الحوار والتفاهم
تحدث عبدالله كدو عضو اللجنة المركزية في الحزب يكيتي الكوردي في سوريا، بالقول: « إن الاستفتاء على تقرير مصير شعب إقليم كردستان العراق حق مشروع، لا يحتمل أي جدال، ولكن تقاطع المصالح الدولية مع مصالح الدول الإقليمية وخاصة المحاذية للإقليم، في مرحلة إعلان الاستفتاء وحتى الآن، حيث حاجة دول الغرب إلى تضافر الجهود لمكافحة الإرهاب، إضافة لأسباب أخرى حالت دون التفعيل المباشر لنتيجة الاستفتاء، حيث رفضتها بقوة الحكومة العراقية ووقفت معها مختلف القوى والحكومات، ولكن الشعب الكردستاني في الإقليم وقيادته، وفي المقدمة الرئيس مسعود البارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وحلفائهم، ومن حولهم كرد العالم وأصدقائهم قالوا كلمتهم، وعليه يمكن القول بان كلمة ”نعم ”ستظل مدوية في آذان كل ذوي الشأن على جميع المستويات».
تابع كدو: « الإقليم استطاع الصمود في وجه العاصفة التي مضى عليها عام ، وعاد إلى الساحة، بانتظار نضوج الظروف المساعدة لاستئناف طرح الاستفتاء. وفي الذكرى الأولى لإجراء الاستفتاء تبدو جليا لكل المتابعين قدرة الإقليم على الحوار والتفاهم وإعادة المياه إلى مجاريها مع المركز (بغداد) والجوار (تركيا وإيران)، كدلالة على تنامي قوة الإقليم السياسية والعسكرية والديبلوماسية. وكذلك أهميته إقليميا ودوليا وحكمة قواه السياسية وقيادته ».
الخط البياني للسياسة الكوردستانية تستمر بالصعود
تحدث عبدالصمد محمود نائب رئيس اتحاد كتاب كوردستان سوريا، بالقول: « ما تعرض له الاقليم من ضغوطات دولية واقليمية ليس الا جزءاً من سلسلة مؤامرات التي تحاك ضد الكورد من قبل الدول الغاصبة لكوردستان. ولكن قوة وثبات موقف الرئيس مسعود البارزاني وحكمته، وبسبب قراءته السليمة للسياسة الدولية والاقليمية ووقوف الشعب الكوردي الى جانبه ودعم سياسته الصائبة. ووقوف كوردستان بحزم امام تلك الضغوطات وايمانها المطلق بقوة وشجاعة حماتها قوات البيشمركة الابطال. جعلت المواقف تنقلب رأسا على عقب في كثير من المواقف الدولية، وبذلك بدأ الخط البياني للسياسة الكوردستانية بالصعود مرة اخرى، وكذلك اقتصادها بدأ بالانتعاش شيئا فشيئا ».
اضاف محمود: « اصبح نتيجة الاستفتاء محطة تاريخية مشرقة في حياة الشعب الكوردي بفضل سياسة قائدها الاسطوري مسعود البارزاني ».
تابع محمود: « لا يخفى على احد ما للحزب الديمقراطي الكوردستاني من دور في ما وصل اليه الشعب الكوردي وإقليم كوردستان من إنجازات وتطور وازدهار الان، وتاريخ البارتي والبارزاني مفعم بالمواقف القومية والتضحيات من اجل كوردستان منذ تأسيسه بقيادة البارزاني الخالد والى يومنا هذا فهو يلعب الدور الريادي في رسم طموحات شعب كوردستان بالرغم من إمكانية قيام الرئيس مسعود البارزاني بإعلان استقلال كوردستان بدلا من الاستفتاء، الا انه فضل الاستمرار في ان تكون كوردستان في الوقت الحاضر جزءا من العراق الفيدرالي بناء على استراتيجية مرسومة بدقة واحكام من قبل قيادة الاقليم جعل من الورقة الكوردية في تشكيل اي حكومة عراقية الاكثر اهمية، وتسعى كل الكتل الى كسبها. والوفود الكوردية المفاوضة لم تنجر يوما الى مواقف حزبية ضيقة بل جعلوا مصلحة شعبهم فوق كل الاعتبارات ».
عزالدين ملا