الجو أكثر من رائع إنها ليلة العشرين من آذار وغدا يكون عيد النوروز حيث سنخرج للطبيعة و نستذكر انتصار كاوا الحداد على الطغاة ،هذا اليوم الذي يجمع الكُرد في كل اصقاع العالم ويرفض تشرذمهم فهو الجامع الأوحد لهم ،نوروز الذي حمى هويتنا المهددة من قبل أعداء الإنسانية والسياسات الشوفينية.
في الحي الغربي بالقامشلي على طرفي الشارع ارتال من الشباب والشابات وعلى مد بصري من حيث تواجدي عند باب مكتبة آواز المقابلة لشارع منير حبيب أو شارع المساكن، من جامع قاسملو شرقا إلى دوار شارع الحزام جنوبا كان يقف المحتفلين ، بعضهم يحمل الشموع وبعضهم يرفع الأعلام وبعضهم يرقص وبعضهم يغني ،كانت الساعة قد تجاوزت السادسة مساء كنا نردد قريبا من شعلة النار أغنية aî lê gulê . سمعنا ضجة وبدت لنا سيارات الإسعاف قادمة رشت المياه باتجاه الجموع لكن الشباب لم يتفرقوا بل واصلوا الغناء،
فقد اعتدنا هذه الممارسات في كل عام حيث تجوب سيارات الإسعاف ومعها رجال مسلحين تجوب الأزقة والشوارع لتفرقة المحتفلين .
لكن ظهرت سيارات مصفحة وشاحنات أخرى معروفة لدينا بانها لرجال الاستخبارات فيها رجال بثياب مدنية لكنهم مدججين بالأسلحة، كان المحتفلين يحذرون بعضهم وبصوت عالي يا شباب لا تعطوهم حجة لإطلاق النار ، حلقات الدبكة كانت مستمرة والنار مشتعلة والغناء يصدح والألوان البراقة تعلن حبها للحياة وارتال منظمة على الرصيف لم تغلق الشارع .
لكن كان ردهم متناسبا جدا بالكم والدرجة والكيفية مع جرمنا المرتكب فقد كان الرصاص مقابل الرقص وبشكل مفاجئ وبعشوائية ممتلئة حقدا أعمى، تفرقت الحشود تحت وابل الرصاص الكثيف بينما سقط بعضهم بين شهيد وجريح في مشهد درامي عجيب.
الشهداء المحمدون…
محمد زكي عبدالله رمضان
محمد يحيى خليل
محمد محمود حسين
الجرحى هم ……….
كرم إبراهيم اليوسف
رياض يوسف شيخي
محي الدين جميل عيسى
محمدخير حاج خلف
محمد محمود حسين
عبدالغني يوسف فندي
تم نقل بعضهم إلى مشفى الدكتور عبدالعزيز فرمان الخاص الواقع على طريق الحسكة والذي سماه الأهالي بمشفى الشعب. وبعضهم إلى مشفى النور وبعضهم نقله أهله إلى البيوت سرا خشية الاعتقالات فقد اعتادوا على ممارسة النظام السوري ، بعد الجريمة مباشرة بدأت حملة اعتقالات وفرض حظرا للتجوال ومحاصرة المشفى و منع المتبرعين بالدم من الوصل إليها.
باتوا الأهالي ليلتهم في حزن وهم في محيط مشفى فرمان ليطل صبح لا كما تصوره أن يكون حيث ارادوه احتفاليا فانقلب جنائزيا بدل حلقات الرقص تكاتفوا وهم يحملون نعوش شبابهم متوجهين إلى مقبرة الهلالية جنوب القامشلي الواقعة على الحدود التركية وكان الحِداد، تبدلت الألوان والهتافات وعاد من كانوا قد ذهبوا قبل ليلة لنصب خيام نوروز في أحضان الطبيعة إلى نصب خيام العزاء في شوارع قامشلو الحزينة.
وسكتت السلطات السورية كعادة المجرمين الذين حققوا ما أرادوا ولم تصدر أي بيان رسمي عن الواقعة.
بعض الأصوات الحرة اسمعت العالم رأيها في ذلك الوقت مثل الدكتور عارف دليلة وميشيل كيلو وفايز سارة والأمانة العامة لإعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي و جبهة الخلاص الوطني في سوريا وغيرهم.
واليوم تلك المقبرة التي بدأت بثلاثة أضرحة، اصبحت تحوي المئات من الأرواح التي لحقتهم كمدا وحسرةعليهم وسورت مقابر أكبر في وطني ومخيمات أكثر وفقدنا الأرض والأرواح والقرار ونحن المنتصرون..!!!
الكاتبة شمس عنتر