الكساد يضرب سوق هدايا أعياد الميلاد بمصر
قبل أن يرتدي “بابا نويل” ثوبه التجاري ذي اللونين الأحمر والأبيض وينطلق نحو القطب الشمالي بمزلاجه السحري الذي تجره الأيائل، لم يكن سوى رجل شرقي ولد في مدينة مورا الساحلية بآسيا الصغرى (تركيا حاليا) في القرن الرابع الميلادي، وكان اسمه نيقولاوس، ولم يغادر تلك المدينة من مولده حتى وفاته.
القصة البسيطة التي ادخرها التاريخ للقديس نيقولاوس -الذي كان يحب أن يرسم البهجة على وجوه الأطفال الفقراء، مما جعله يتخفى ليلا ليترك لهم الملابس الجديدة تحت النوافذ قبل عيد الميلاد- صارت أكثر تعقيدا بعد أن تلقفتها الآلة الاقتصادية بأذرعها الدعائية المتعددة، لتطرحها في الأسواق التي تضخ مليارات الدولارات لبائعي الهدايا.
|
قرارات حكومية
بابا نويل أو “سانتا كلوس” لم يعد يهتم برسم البهجة على وجوه الصغار في مصر كما كان يفعل في صورته الشرقية القديمة، فثمة عقبات اقتصادية عديدة تحول بينه وبين الأطفال.
لعل آخرها القرار الذي اعتبرت فيه الحكومة المصرية دميته ذات اللونين الأحمر والأبيض وشجرته الشتوية الشهيرة، من السلع المستفزة وغير الضرورية.
فقد رفعت الحكومة سعر الدولار الجمركي على وارداتها قبل أن تتوهج أعياد الميلاد (الكريسماس) بأقل من عشرين يوما، مما تسبب في رفع أسعار مستلزمات الاحتفال بالكريسماس لخمسة أضعاف مقارنة بما كان عليه الوضع في العام الماضي.
ويحتفل المسيحيون -الذين يصل عددهم في مصر إلى 15 مليونا بحسب تقديرات كنيسة- بعيد الميلاد في 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري لطوائف بينها الكاثوليكية، وفي 7 يناير/كانون الثاني لطوائف بينها الأرثوذوكسية.
لكن أسواق الكريسماس هذا العام في مصر تشهد ركودا لم تشهد مثله طوال الأعوام الخمسة الماضية، ولا تعود الأسباب -كما يحددها تجار الجملة والمستوردون- لقرار رفع سعر الدولار الجمركي وحده، بل ساهم قرار وزارة التجارة والصناعة رقم 43 لسنة 2016 في رفع الأسعار.
ويُلزِم القرار المستوردين بتقديم شهادات معترف بها من الاتحاد الدولي للاعتماد (ILAC)، تفيد بأن المصنع المُصدر مطابق لنظام الرقابة على الجودة ومستوف لمعايير البيئة. فمعظم هدايا الكريسماس تأتي من مصانع صينية لذلك لا يكون بمقدور المستوردين تحقيق تلك الشروط.
سعر شجرة الميلاد ارتفع خمسة أضعاف (الجزيرة) |
تراجع كبير
الأوضاع الاقتصادية المتردية التي أجبرت الكثيرين على الاهتمام بالحاجات الأساسية، دفعت بدورها التجار للعزوف عن استيراد بضائع جديدة، في حين لا تزال الفنادق -التي تعاني ركودا هي الأخرى- تحتفظ بمقتنيات الأعوام السابقة من أشجار الميلاد وزينتها.
ولا يوجد مؤشر دقيق لسوق أعياد الميلاد في مصر، لكن تصريحات المسؤولين في الغرفة التجارية يؤكد أنه يحتل جزءا ضئيلا جدا من إجمالي حجم واردات ألعاب الأطفال التي تقدر بـ55 مليون دولار سنويا.
وبسبب ارتفاع أسعار هدايا أعياد الميلاد، يفضل قطاع كبير من المصريين الابتعاد عن الألعاب واختيار هدايا تتسم بالمنفعة المباشرة، كالأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والمفروشات.
ويقول إيهاب فهمي -الذي يعمل محاسبا- “كان بمقدوري شراء شجرة كريسماس متوسطة الحجم بخمسين جنيها (2.8 دولار) في الأعوام الماضية، لكن أسعارها التي تجاوزت 300 جنيه (16.7 دولارا) هذا العام دفعتني للتردد، خاصة مع وجود احتياجات ضرورية تنقصني وينبغي الوفاء بها أولا”.
بينما ترى نرمين سمير أن شراء مستلزمات متجددة سنويا للاحتفال بأعياد الميلاد أمر مهم، مشيرة إلى أنها تذهب في نهاية كل عام لشراء الهدايا مع أطفالها للحفاظ على عادات نشأت عليها في أسرتها منذ الصغر.
وتضيف أن مثل تلك الأمور تدخل السعادة علي قلوب الأطفال وتمنح شعورا طيبا لكل أفراد الأسرة مع بداية السنة الجديدة، ولفتت إلى أنها لن تضيع تلك الفرصة التي تأتي مرة واحدة في العام حتى مع الارتفاع المستمر في الأسعار.
المصدر : الجزيرة