
إن أهالي الضحايا من شهداء وجرحى، والمغيبين قسراً، و المختطفين ،والمهجرين قسراً، وأصحاب البيوت المسروقة في القرى المحروقة المدمرة، ينظرون اليوم بعين الخذلان للأمم المتحدة التي تسمح للمجرم باعتلاء منصتها ليُحاضر في جرائمه!
إن النساء والقاصرات المغتصبات والمختطفات ينظرن اليوم إلى عري الأمم المتحدة التي تساعد المغتصب في تثبيتهن، ريثما يقضي وطره.
إن مجالس ووكالات ومنظمات الأمم المتحدة وبرامجها تبدو مجرد تمثيلية على شعوب العالم، المتحضر منها وذاك الذي يحتاج إلى التنمية على حد سواء.
ما فائدة لجان تحقيق الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وقراراتها ومحكمتها، أو المحاكم التي تنسق معها، إذا كان القاتل يتجوّل أمامها وتُصفّق له، بل وهي من دعاه أصلاً؟
ما فائدة لجنة القرار (1267) المشكّلة تحت الفصل السابع وتصنيفاتها لأبو محمد الجولاني كفرد منتمٍ للقاعدة (QDI.317)، وتطلب من الدول القبض عليه، ثم حين يمر أمامها تطرق رأسها خجلاً؟
ما فائدة مجلس حقوق الإنسان، وهو الذي حلّ في عام 2006 مكان اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان بسبب تسييسها، فوقع هو الآخر في فخ التسييس؟
ما فائدة القرار (2254) الذي احتوى في بنده الثامن على منع صريح للتنظيمات الإرهابية وقادتها، أمثال الجولاني، من المشاركة في الحياة السياسية السورية، إذا كان سيتم خرقه من الأمم المتحدة التي أصدرته؟
ما فائدة المحكمة الجنائية الدولية التي تنسق مع مجلس الأمن، حين يتسابق المدعي العام لها لالتقاط الصور مع المجرم وبابتسامة أمام أعين الضحايا من نساء وشيوخ وأطفال؟ فماذا يريد أن يقول لهم ولحقوقهم؟ وكيف سيتجرؤون على الشكوى له؟
إننا في سوريا اليوم، في أوائل أيام فصل الخريف، ويبدو أن الأمم المتحدة قد وصلت خريف عمرها باستقبال المجرم الأول في سوريا الذي قتل عشرات الآلاف، وشرّد عشرات الآلاف، وأحرق القرى، وسرق البيوت، واغتصب النساء، وحرم الأطفال من مدارسهم، بل وفجّر المدارس بمن فيها من معلمين وتلاميذ، ومنع الطلاب من جامعاتهم وامتحاناتهم، وجعل الآباء يشهنقون ويَعْوون، وركلهم وداس على رقابهم، وركب على ظهورهم أمام عائلاتهم وعلى عتبات بيوتهم.
إن حضور الجولاني اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يشكّل اعتداءً على كل الدول التي أجرَمَ فيها هو وتنظيم القاعدة الذي ينتمي إليه، وهو خيانة لذكرى ضحايا الحادي عشر من أيلول في نيويورك.
وهل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة موافقون على استضافة إرهابي قاتل؟ وما هو الأساس الحقوقي والإنساني لاستضافته؟ وكيف للأمم المتحدة استضافة شخص لا يمثل شعباً ولا دولةً، ولم يأتي عبر عملية ديمقراطية شرعية؟
إن هذا يسيء إلى آمال الشعب السوري وتضحياته الطويلة في سبيل إقامة دولة المدنية والعدالة والديمقراطية والمواطنة.
إن ديباجة ميثاق الأمم المتحدة تسقط اليوم، وتبدو مجرد شعر كاذب عن إنقاذ الأجيال وحقوق الإنسان والعدالة والرقي الاجتماعي والتسامح.
إن ما يحدث اليوم هو خرق كامل لأغراض الميثاق، وإننا ندعو الأمم المتحدة للنظر في عيون الضحايا وهي تستقبل قاتلهم.
إن مقعد سوريا اليوم في الجمعية العامة كان يجب أن يجلس عليه ذوو الضحايا، وليس قاتلهم.
إننا نطالب الأمم المتحدة بعقد مؤتمر فوري لمراجعة ميثاقها والالتزام به بعد تعديله، كي لا تفقد الشعوب الناظم لحياتها ومستقبلها.