
الكاتبة: إيفا حسي
تواجه سوريا جدلاً متصاعداً بعد تقارير عن شروع السلطات المؤقتة في تجنيس مقاتلين أجانب بطرق غير رسمية، وسط تحذيرات من انعكاسات اجتماعية وأمنية خطيرة قد تحول البلاد إلى بؤرة جديدة للتطرف وعدم الاستقرار. “الجيش الوطني” لأن دمجهم سيضعف الانضباط العسكري لأنهم عناصر ذات عقيدة جهادية متطرّفة تهدّد المكوّنات السورية والتعايش السلمي في المنطقة من خلال خطاباتهم الطائفية، إذ يظهرون في مقاطع فيديو موثقة ويهددون المسيحيين والعلويين والدروز والكرد، لذا مع تجنيسهم يصبح لديهم ملاذ آمن داخل سوريا ومع الوقت يمكن أن ينظموا أنفسهم في شبكات سرية تشبه “داعش” أو “القاعدة”، وأي دمج شكلي لهم في الجيش الوطني أو غيره قد يؤدي إلى انشقاقات مسلحة لاحقة، كما حدث مع عناصر انضمت سابقاً لفصائل معارضة ثم انشقت نحو داعش ببداية الحرب في سوريا ما يعني أن خطر “داعش” أو شبيهه سيظل حاضراً لسنوات طويلة، ولن يكون هناك “استقرار حقيقي” وستتحول سوريا إلى ساحة للفوضى المسلحة .
من أبرز المخاطر المترتبة على منح الجنسية لعناصر مسلحة متهمة بالتطرّف أو الإرهاب داخل سوريا سيؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وإدخال فكر تكفيري متشدّد إلى المجتمع السوري، والاعتراف بهم كمواطنين سيضفي غطاءً رسمياً على جماعات تحمل مشروعاً عنيفاً كونهم لا يؤمنون بالديمقراطية وبالتالي يمكن أن يشكّلوا خلايا متمرّدة عند أي خلاف سياسي أو عسكري وسيحوّلهم من عناصر عابرة إلى جزء من البنية الوطنية السورية.
وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي فقد تتحوّل سوريا لممر عبور الجهاديين ومركز لاستقدام وتصدير مقاتلين إلى بؤر أخرى كـ إفريقيا، وآسيا الوسطى، كما حدث مع أفغانستان في الثمانينيات، ونستنتج من ذلك أن هذا الملف وهو أخطر مسار يمكن أن يُفتح أمام بلد يسعى إلى استعادة سيادته واستقراره.
ملف تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا .. تقييم المخاطر الاجتماعية والأمنية
يشير بعض المراقبين إلى وجود خطر ملموس في مسار تجنيس المقاتلين الأجانب، نظراً لاستمرار مشروع تطرّف لا يتوافق مع طبيعة المجتمع السوري المتنوع عرقياً وطائفياً، ويُعتبر أن منح الجنسية لهؤلاء العناصر قد يحوّل سوريا إلى ملاذ للمتطرفين مع ما يترتب على ذلك من فجوة عميقة بين المجتمع السوري التقليدي والمجتمع المتوقّع مستقبلاً تحت تأثير هذا المسار.
وتدعم هذه المخاوف توثيق تقارير أممية ووكالة “رويترز”، مشاركة مقاتلين أجانب في أحداث عنف واسعة، بما في ذلك مجازر الساحل في آذار 2025، ما يعكس أبعاداً عملية تتجاوز التحليلات النظرية.
على الرغم من ذلك، فإن هذه التحذيرات لا تشكل جزءاً من الحسابات الجيوسياسية الكبرى التي تحدّد مواقف القوى الدولية والإقليمية، الأمر الذي يجعل قضية التجنيس قائمة ومستمرّة، وبالتالي، فإن انعكاسات هذا الملف ستظهر على أرض الواقع في حياة السوريين.