لكل شعب إمتداد تاريخي و حضاري، يعتبر أساس تقوم عليه حضارته المتوارثة وتعرف هويته ، ولعل الأكيتو هو أحد الأعياد الموغلة في التاريخ حيث إحتفلت به عدة ممالك و إمبراطوريات كونها قامت جميعاً على مقربة من بعضها وبنفس المكان احيانا ، مثلما حدث في ميزوبوتاميا بيث نهرين بلاد ما بين النهرين.
الإمتداد التاريخي يعود في هذه المنطقة لأقدم مناسبة حضارية تاريخية، ذات أهمية قومية لدى شعوب المنطقة و بشكل خاص الشعب السرياني الآشوري الكلداني، الشعب المنبثق من هذه الأرض و المتجذر فيها حضاريا و تاريخيا على مر العصور، رغم التغييرات المتتالية للسلطات وانظمة الحكم التي طرأت و حدثت بهذه البقعة و كانت سببا لابعاد الشعب السرياني الاشوري عن الإحتفال بالأعياد و المناسبات القومية و التاريخية لهذا الشعب. و أحيانا تم تغيير معنى الأعياد تقزيمها و إخراجها من معناه الحقيقي .
الأول من نيسان أو كما يقال بالسريانية حا بنيسون، تعتبر مناسبة قومية بالدرجة الأولى، أكثر من كونها دينية، كون أساس الإحتفال، وهو عيد رأس السنة حيث تم الإحتفال به على مر العصور، مازال الشعب السرياني الآشوري الكلداني يحتفل بهذه الذكرى التاريخية رغم كل الضغوطات و بكل الأحوال، لأنها تعني إستمرارية تواجد الشعب تاريخيا و حضاريا بأرضه التاريخية ميزوبوتاميا بيث نهرين.
مرت هذه الاعياد خلال القرون الماضية و شكلت انتقالا تاريخيا للمنطقة و بعضها ترسخ بالتاريخ، لكن رغم كل شيء حرص الشعب على الإحتفال بهذه المناسبة، التي يعتبرها شعوب المنطقة إستمرارية للإحتفالات المتعددة بالمنطقة، فمثلا هناك النوروز باللغة الكردية و الفارسية و يعني «نو» تعني جديد بالفارسية و «روز» تعني يوم، فتأتي نوروز مجتمعة بمعنى اليوم الجديد و يوافق الإحتفال برأس السنة التي تقابل الإعتدال الربيعي لديهم، الذي يبدأ الإحتفال فيه بال
٢١ من آذار و يستمر الإحتفال حتى الأول من نيسان ( حا بنيسون ) الذي يبدأ فيه الإحتفال القومي التاريخي برأس السنة البابلية الأكيتو.
حيث يتم الاحتفال بالاكيتو عبر رفع الأعلام القومية للشعب السرياني الآشوري الكلداني و أبنائه يرتدون الزي الفلكلوري، فرحا و إعتزازا بإنفسهم، بإنتتمائهم لبيث نهرين كذالك الرقص على أنغام الأغاني الفلكلورية التراثية التي تحمل حب الأرض و الغيرة عليها و تستمر الإحتفالات من بداية صباح الأول من نيسان إلى نهايته، اما سابقا فقد كان يمتد لاثني عشر يوماً مليئا بالطقوس والعادات والاحتفالات والعروض العسكرية
رغم أقدمية و تاريخية هذه المناسبات التاريخية الحضارية لشعوب ميزوبوتاميا ، إلا إن الأنظمة المتعددة بهذا الشرق، ترفض الإعتراف بها دستوريا كمناسبات تاريخية حضارية لشعوب المنطقة و تعطي بنفس الوقت الحق لشعوبها أن تحتفل بمناسباتها و أعيادها التاريخية و من هنا تبدأ أولى الخطوات لمطالبة الحكومات ضمن منطقة الشرق الأوسط و على إمتداد حدود ميزوبوتاميا بيث نهرين، الإعتراف الدستوري و إعادة حقوق الشعوب لتعود و تشعر بأنها و وريثة الحضارات لا أن يجعل منها وفق قوانين و دساتير الشرق مجرد ضيوف بهذه الأرض و مجردين من أبسط الحقوق الدستورية.
الأول من نيسان (( حا بنيسون )) هو يوم تاريخي حضاري لدى الشعب السرياني الآشوري الكلداني و الشعوب الأخرى ضمن ميزوبوتاميا بيث نهرين و لابد للزمن من أن يعطي لهذه المناسبة التاريخية حقها و تعود لتكون مثلما كانت بالسابق، يوماً تاريخيا مليء بالفخر و الإعتزاز التاريخي لشعوب المنطقة.
بقلم: ميلاد گوركيس عضو الجمعية الثقافية السريانية، فرع ديريك (سابقاً)