بقلم الصحفي: دليار حسن
أهمية مشاركة قوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري الجديد ودور اللامركزية والإدارة الذاتية في بناء الدولة السورية الحديثة
تعيش سوريا اليوم مرحلة مفصلية من تاريخها الحديث، تُتيح فرصة حقيقية لإعادة بناء دولة قوية موحّدة تُجسّد تطلعات جميع أبنائها، وتستند إلى مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة. وفي هذا السياق، تبرز أهمية مشاركة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن الجيش السوري الجديد بوصفها خطوة استراتيجية لتعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ مفهوم الشراكة الحقيقية بين مختلف مكوّنات المجتمع السوري.
لقد أثبتت قوات سوريا الديمقراطية أنها قوة فاعلة وذات تجربة راسخة في مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن في المناطق التي عانت من الصراعات لسنوات طويلة، وأسهمت بشكل حاسم في تحرير مساحات واسعة من التنظيمات المتطرفة. ومن هذا المنطلق، فإن دمج قسد ضمن المؤسسة العسكرية الوطنية لا يقتصر على تعزيز القدرات الدفاعية للجيش فحسب، بل يجسد أيضًا توجّهًا ديمقراطيًا جديدًا يكرّس مبدأ التعددية ويعترف بحق كل سوري في المشاركة في حماية وطنه والدفاع عن سيادته.
إن بناء سوريا الحديثة لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة جميع مكوّنات المجتمع السوري، بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والسياسية، في صياغة مستقبل البلاد. فالتنوّع الذي يميّز سوريا ليس عامل انقسام، بل مصدر قوّة وثراء حضاري يجب أن يكون الأساس في عملية إعادة بناء الدولة ومؤسساتها. مشاركة الجميع في صنع القرار وفي المؤسسات العسكرية والمدنية تضمن عدالة التمثيل وتعزّز التوافق الوطني، وتُسهم في إزالة الأسباب الجذرية التي غذّت النزاعات والانقسامات على مدى السنوات الماضية.
في هذا الإطار، تأتي اللامركزية والإدارة الذاتية كركيزتين أساسيتين في مشروع الدولة الجديدة. فاللامركزية تُمكّن كل منطقة من إدارة شؤونها المحلية بما يتناسب مع خصوصياتها الثقافية والاجتماعية، ما يرفع من كفاءة الأداء الحكومي ويقرب الخدمات من المواطنين. أما الإدارة الذاتية، فإن دمجها ضمن منظومة الدولة الرسمية يُشكّل نموذجًا عمليًا للشراكة المتوازنة بين المركز والأطراف، يضمن المشاركة الفاعلة في الحكم ويعزز الاستقرار عبر احترام الخصوصيات المحلية ضمن الإطار الوطني العام.
إن مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري الجديد، مقرونةً بتفعيل اللامركزية والإدارة الذاتية، تمثل خطوة تاريخية نحو بناء سوريا ديمقراطية موحدة — دولة القانون والمؤسسات، التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات، ويعيش فيها المواطن في أمن وكرامة.
إنها رؤية تؤسس لعقد اجتماعي جديد يقوم على الشراكة الوطنية والاحترام المتبادل، ويُعبّر عن إرادة السوريين في تجاوز الانقسامات وبناء مستقبل مزدهر يجمعهم تحت راية واحدة ووطن واحد.